دور القوانين الإسرائيلية في مصادرة الأراضي الفلسطينية
لكي نعرف حقيقة تكامل الادوارالصهيونية سياسيا وعسكريا وامنيا وقانونيا يجب ان نعرف دور القوانين الصهيونية في اجتثاث وتهويد ارضنا المحتلة
لقد قامت الحركة الصهيونية ومنذ البداية بوضع المخططات للاستيلاء على الأراضي العربية في فلسطين، ولتنفيذ هذه المخططات قامت بإنشاء ما يسمى بصندوق أراضي إسرائيل (كيرن كيميت ليسرائيل) وأوكلت له شراء الأراضي العربية في فلسطين، مستعينةً بالسماسرة والعملاء الذين قاموا باستغلال الأوضاع الصعبة التي يعانى منها سكان البلاد العرب في ظل الانتداب البريطاني، واحيانا كانوا يقدموا اغراءات مالية كبيرة لاصحاب الارض اذا تشدد او تمنع عن البيع فقاموا بشراء هذه الأراضي بأموال صهيونية، ومن ثم قاموا ببيع هذه الأراضي فيما بعد لصندوق أراضي إسرائيل. كما قام هذا الصندوق وعن طريقهم بإجراء عمليات الشراء للأراضي مستغلاً الجهل و غياب القيادة الواعية التي كان من المفروض أن تتنبه إلى هذه المخاطر وتعمل على منع هذه الصفقات.
لقد وضعت الحركة الصهيونية نصب عينيها استملاك اكبر قدر ممكن من الأراضي المملوكة من قبل المواطنين العرب، سكان البلاد الأصليين، وذلك تحضيرا لإنشاء كيان قومي لليهود على أرض فلسطين، وقد حاولت الحركة الصهيونية نفي ما جاء في برتوكولات حكمائها من أن: "فلسطين" (أو ارض إسرائيل كما يسمونها) هي "ارض بلا شعب لشعب بلا ارض" وادعى قادتها بأن هذه البرتوكولات وما جاء بها هي محض افتراء وتزوير يقصد به الاستيلاء على الأراضي العربية الفلسطينية- وتخليصها من أيدي "ألاغيار" ومن ثم تسليمها إلى أيد يهودية، وذلك تطبيقا لسياسة التوسع والاستيطان "وتهويد" مناطق مختلفة في البلاد كالجليل والنقب.
هذا وقد استمرت محاولات الحركة الصهيونية الجادة للاستيلاء على الأراضي الفلسطينية بعد إقامة الدولة سنة 1948 وذلك من خلال سن القوانين والأنظمة التي تمكن سلطات الدولة المختلفة من الاستيلاء على الأراضي العربية ونقل ملكيتها إلى أيد يهودية، وذلك تحقيقا للمبدأ الصهيوني القائل بوجوب إنقاذ الأراضي "جيئولات هكركاع" كما قامت السلطات الإسرائيلية بالإبقاء على بعض القوانين والأنظمة الانتدابية المتعلقة بالأرض والتي تخدم أهدافها في الاستيلاء على ما تبقى من أراض يملكها المواطنون العرب.
لقد شكلت القوانين الاسرائيلية والقوانين والانظمة الموروثة والمتعلقة بالأرض دليلا قاطعا على زيف الادعاء الإسرائيلي بان إسرائيل هي دولة جميع مواطنيها. وبأن ما وعد به حكام إسرائيل بأن تكون هذه الدولة دولة مساواة بعيدة عن التمييز على أساس الدين أو العرق أو القومية هو مجرد هراء، فقد سخرت هذه القوانين لتأكيد وترسيخ الطابع اليهودي للدولة وذلك عن طريق الاستيلاء على ما تبقى من الأراضي ونقلها من أيد عربية لأيد يهودية.
لقد قامت السلطات الإسرائيلية بسن العديد من القوانين، بعضها تطرق إلى الأرض بشكل مباشر وبعضها كان بمثابة أداة مساعدة لتحقيق نفس الهدف، ألا وهو الاستيلاء على الأرض والسيطرة عليها. وفيما يلي استعراض لبعض هذه القوانين:
- القوانين الانتدابية الموروثة:
بعد الإعلان عن قيام الدولة الصهيونية في 15 أيار 1948، ولسد الفراغ القانوني الذي حصل بعد انتهاء الانتداب البريطاني على فلسطين. قام المشرع الإسرائيلي بسن قانون أحكام السلطة والقانون لسنة 1948 وبحسب هذا القانون فإن مجموعة القوانين التي كان يعمل بها حتى 14ايار 1948 تبقى سارية المفعول ما دامت لا تتنافى مع نصوص قانون أحكام السلطة والقانون نفسه أو القوانين الأخرى التي سنها البرلمان المؤقت، مع الأخذ بعين الاعتبار التغييرات الناتجة عن إقامة الدولة وسلطاتها.لقد كانت هذه المادة "القناة" التي بموجبها تم استيعاب العديد من القوانين الانتدابية التي رأى بها المشروع العبري قوانين لا تتنافى مع الطابع اليهودي للدولة بل تخدم هذا الهدف وتساعد على تحقيق الأهداف الصهيونية المتمثلة في بسط السلطة الإسرائيلية على ما تبقى من سكان فلسطين داخل الخط الأخضر(160000 نسمة) وتجريدهم مما تبقى في حيازتهم من اراض وفيما يلي نماذج من القوانين والأنظمة الانتدابية آلتي تم استيعابها والإبقاء عليها كقوانين ملزمة:
* قانون الأراضي - الاستملاك للمنفعة العامة لسنة 1943
* أنظمة الطوارئ لسنة 1945
* قانون الغابات لسنة 1926
* قانون أراضي الموات لسنة 1921
* قانون تسوية الحقوق في الأراضي لسنة 1928
لقد قامت السلطات الإسرائيلية باستغلال القوانين الانتدابية المتعلقة بالأرض لخدمة أهدافها فأبقت هذه القوانين سارية المفعول ومن ثم قامت بتعديلها أو إلغائها. حسب ما تتطلبه وفيما يلي بعض الجوانب المتعلقة بهذه القوانين وكيفية استغلالها من قبل السلطة.
1) قانون الأراضي - الاستملاك للمنفعة العامة لسنة 1943:
لقد كان الهدف الأساسي من وراء سن هذا القانون توفير الوسيلة التي تمكن السلطة من الاستيلاء على أراضي للأغراض العامة كشق الشوارع وبناء المدارس والمستشفيات وغيرها، إلا أن مفهوم "المصلحة العامة" لدى السلطات الإسرائيلية اقتصر على "المصلحة اليهودية" باعتبارها المصلحة العليا في الدولة اليهودية، ومثالاً على ذلك قامت السلطات الإسرائيلية سنة 1953 بمصادرة حوالي 1200 دونم أراضي الناصرة والقرى العربية اعتماداً على القانون المذكور وذلك لغرض إقامة مكاتب ودوائر حكومية – إلا انه سرعان ما تبين أن المساحة التي استغلت لبناء هذه الدوائر لم تزد عن 80 دونما في حين استعملت بقية المساحة المصادرة لبناء مساكن شكلت فيما بعد نواة مدينة الناصرة العليا (نتسيرت عليت).
2) أنظمة الطوارئ لسنة 1945:
كما هو معلوم فإن أنظمة الطوارئ "سيئة الصيت" والتي استعملت في عهد الانتداب البريطاني على فلسطين كوسيلة لأحكام السيطرة على البلاد وإخماد جذور الثورة العربية ضد الوجود البريطاني. لم تلغ، وذلك رغم مطالبة أوساط سياسة عديدة بإلغائها، ورغم أن بعض زعماء الحركة الصهيونية وصفوا هذه الأنظمة بأنها نازية، إلا أن السلطات الإسرائيلية رأت من المناسب الإبقاء على هذه الأنظمة واستغلالها ضد الفلسطينيين الذين اثروا البقاء في وطنهم منذ نكبة 1948. فبموجب هذه الأنظمة قامت السلطات الإسرائيلية بفرض الحكم العسكري على المناطق المختلفة في البلاد بهدف تقييد حركة السكان الفلسطينيين وكذلك تم بواسطة هذه الأنظمة إلغاء العديد من التنظيمات السياسية ونفي قياداتها أو وضعها تحت الاعتقال المنزلي. كذلك أقامت السلطات الإسرائيلية وبالاعتماد على هذه الأنظمة. بتنفيذ عمليات هدم البيوت وتنفيذ الاعتقالات الإدارية وغيرها.
أما فيما يتعلق بالأراضي فقد خولت المادة 125 لأنظمة الطوارئ السلطة، إغلاق مناطق معينة لأهداف تتعلق بأنظمة الطوارئ.
المادة 125 المذكورة تخول القائد العسكري صلاحية إصدار أمر بإعلان منطقة أو مكان ما منطقة مغلقة. واستنادا إلى هذه المادة قام القادة العسكريون الإسرائيليون وخلال السنوات الأولى لإقامة الدولة بالإعلان عن مناطق عديدة كمناطق مغلقة لأغراض أمنية، وبذلك منع أصحابها من دخولها واعتبر دخولهم إليها خرقاً لقوانين الطوارئ.
لقد كان إغلاق المناطق المختلفة تمهيداً للاستيلاء على أراض في هذه المناطق وذلك بحجة أن هذه الأراضي غير مستغلة من قبل أصحابها أو بأنها ليست تحت التصرف الفعلي لأصحابها، حيث تم فيما بعد سن قانون استملاك الأراضي (المصادقة على الإجراءات والتعويض) لسنة 1952 والذي بموجبة تم استملاك (مصادرة) مساحات شاسعة من الأراضي بحجة أنها غير مستغلة من قبل أصحابها، وأنها بالفعل ليست تحت تصرفهم- وحيث أن المادة 2 من القانون تشترط أن تكون الأرض المنوي مصادرتها غير مستغلة وليست بحيازة أصحابها فعلياً.
3) قانون الغابات لسنة 1926:
خول هذا القانون السلطة الإعلان عن مناطق معينة كمحميات طبيعية أو غابات محمية، وقد اشتملت هذه المحميات على عدة مناطق وما زالت تحت تصرف السكان العرب الفلسطينيين، وما حصل في قرية بيت جن هو اكبر دليل على أن السلطة لم تتورع عن اتباع أي وسيلة بهدف تضييق رقعة الأرض التي يمتلكها السكان الفلسطينيون. ووضع هذه الأراضي تحت سيطرتها بهدف تسليمها في الوقت المناسب لأيد يهودية.
4) قانون أراضي الموات لسنة 1921
تغطي أراضي الموات مساحات شاسعة مسجلة باسم الدولة وهي تشكل قسما كبيرا من الأراضي العامة ويقصد بهذه الأراضي تلك الأراضي المهملة – والميتة لطبيعتها – هذه الأراضي تشمل معظم جبال منطقة الجليل، وكذلك مساحات شاسعة في منطقة النقب – وهي أراضي بطبيعتها غير مفتلحة أو لا يمكن افتلاحها دون إصلاحها.
وبحسب قانون أراضي الأموات 1921 والتي عرفها بأنها أراضي ليست في حيازة فرد بناء على كوشان طابو. وكذلك ليست في حيازة مجموعة من السكان –كسكان القرية أو المدينة.
لقد تم تحديد أراضي الموات بناء على مقياسين مختلفين، الأول هو اعتبار الأراضي المتاخمة لمنطقة سكنية والتي لا يصلها صوت المؤذن أو المنادي كأرض موات، إلا إذا قام شخص ما بإبراز كوشان طابو يعتبر بمثابة تصريح من السلطة العثمانية له بأحياء هذه الأرض وفلاحتها.
أما المقياس الآخر فيعتبر جميع الأراضي التي تبعد مسافة 1،5 ميل عن طرف المنطقة السكنية بمثابة ارض موات. إلا إذا ابرز شخص ما كوشان طابو يثبت إعطاءه تصريحا من السلطة بإحياء الأرض.
لقد استغلت السلطة هذا القانون وقامت بالاستيلاء على مساحات شاسعة في الجليل والنقب بحجة إنها ارض موات، مستغلة بذلك عدم احتفاظ العديد من مالكي هذه الأراضي بالكواشين التركية التي أعطيت لهم. أما حينما كان يبرز أحدهم أمام المحكمة كوشانا ما، فقد كانت المحكمة ترفض في معظم الحالات هذه البينة لعدم وضوح حدود الأراضي. أو عدم دقة وصحة التفاصيل الواردة في الكوشان. وبذلك ساهم الجهاز القضائي أيضا في مهمة الاستيلاء على الأرض وتسجيلها باسم "دولة إسرائيل" وذلك بحسب المادة 155 لقانون الأراضي لسنة 1969 أن الإبقاء على قانون أراضي الموات الذي يعتمد بالأساس مقاييس بدائية لتحديد حيازة أو عدم حيازة الأرض بالمدى الذي يصله صوت المنادي أو المؤذن.تلك المقاييس التي وضعت في زمن الأتراك يؤكد أن السلطات الإسرائيلية لم تتورع عن استعمال أي أسلوب يمكنها بواسطته من تنفيذ مخططها الرامي إلى الاستيلاء على الأرض، حتى لو كان الثمن اعتماد قوانين بدائية لا تتمشى مع متطلبات العصر.
5) قانون تسوية الأراضي لسنة 1928:
لقد كان من الضروري سن قانون لتسوية الحقوق في الأراضي. وذلك لحل الخلافات حول ملكيتها بين السكان – كأفراد أو كمجموعات سكانية – إلا أن السلطات الإسرائيلية استغلت هذا القانون وأبقت عليه ثم قامت بإقرار نص معدل ومجدد له سنة 1969 بموجبة قامت "دولة إسرائيل" بتسجيل ادعائها على ملكية مساحات شاسعة من الأراضي بصفتها وريثة الحكم البريطاني (المندوب السامي البريطاني) وطالب بتسجيل الأراضي باسمها بصفتها أراض غير مستغلة أو أرضا موات بصفتها ارضا صخرية وغير قابلة للاستغلال الزراعي.
وقد جرت محاكم كانت فيها الدولة طرفا أساسيا، وفي المقابل وقف الفلاحون الفلسطينيون، أصحاب الأرض الحقيقيين بإمكانياتهم المحدودة وفي ظروف صعبة للغاية، فكانت إجراءات تسوية الأراضي بمثابة منفذ سهل قامت السلطة باستغلاله وتسجيل مئات الآلاف من الدونمات باسم دولة إسرائيل.
لقد كان هذا استعراضا موجزا لبعض القوانين الانتدابية الموروثة وفيما يلي نتطرق إلى بعض القوانين الهامة المتعقلة بالأرض والتي سنها المشرع الإسرائيلي بعد سنة 1948القوانين الإسرائيلية المتعلقة بالأرض:
منذ الإعلان عن إقامة الدولة العبرية في فلسطين وحتى ألان ما انفك المشرع الإسرائيلي بسن القوانين ووضع الأنظمة التي تخول سلطاته المختلفة صلاحية الاستيلاء على ما تبقى من ارض بيد المواطنين الفلسطينيين. وفيما يلي نورد قائمة ببعض القوانين الهامة التي سنها المشرع الإسرائيلي خلال الأربعين سنة المنصرمة ومن ثم نتناول بالتفصيل بعضا من هذه القوانين:-
1- أنظمة الطوارئ بشان فلاحة الأرض البور واستعمال مصادر المياه غير المستغلة سنة 1948.
2- قانون وضع اليد على الأراضي في حالات الطوارئ لسنة 1950.
3- قانون أملاك الغائبين لسنة 1950.
4- قانون سلطة التطوير (نقل أملاك) لسنة 1950.
5- قانون استملاك الأراضي (تصديق الإجراءات والتعويضات) لسنة 1953.
6- قانون صندوق أراضي إسرائيل لسنة 1953.
7- قانون وضع اليد على الأراضي (تعليمات مؤقتة) لسنة 1956.
8- قانون تقادم الزمن لسنة 1958.
9- قانون أراضي إسرائيل لسنة 1960.
10- قانون أساسي أراضي إسرائيل لسنة 1960.
11- قانون الأراضي – لسنة 1961.
12- قانون تسوية الحقوق في الأراضي لسنة 1969.
13- قانون استملاك الأراضي في النقب (اتفاقية السلام مع مصر) لسنة
لقد تطرقنا إلى ستة من القوانين المدرجة في القائمة المذكورة أعلاه وخضنا في تفاصيلها لكونها شكلت الوسيلة الرئيسية للاستيلاء على مساحات هائلة من الأراضي العربية في حين شكلت بقية القوانين بالإضافة إلى قوانين وأنظمة أخرى لم نأتي على ذكرها، عاملا مساعدا في تنفيذ المخطط الصهيوني الرامي إلى الاستيلاء على جميع أراضي فلسطين (أو ارض إسرائيل كما يحلو لهم تسميتها)، وتسجيلها باسم "دولة إسرائيل" تمهيدا لوضعها في خدمة المشروع الاستيطاني الشامل.
أ) قانون أملاك الغائبين لسنة 1950
لقد شكل قانون الغائبين الأساس الذي بموجبه استولت الدولة على جميع الأراضي التي كانت ملكا لسكان البلاد الذين اضطروا إلى تركها والنزوح إلى مناطق أخرى لم تكن تحت سيطرة السلطة الإسرائيلية، أو إلى دول عربية. فوصفتهم بالغائبين فقامت بوضع أملاكهم تحت تصرف القيم على أموال الغائبين.
وقد عرف الغائب بحسب المادة رقم (1) من القانون على النحو التالي:
الغائب – هو كل شخص كان في الفترة ما بين 291147 وحتى اليوم الذي نعلن فيه عن انتهاء حالة الطوارئ التي تم الإعلان عنها بتاريخ 1451948 وكان يملك أموالا أو عقارات في داخل إسرائيل أو كان ينتفع منها أو كانت تحت تصرفه مباشرة أو بواسطة آخر وانه كان في خلال الفترة المذكورة:
أ- مواطنا أو يقطن في لبنان، مصر، سوريا، السعودية، شرق الأردن، العراق، اليمن، أو.
ب- كان متواجدا في إحدى هذه الدول أو بأي جزء من "ارض إسرائيل" خارج حدود إسرائيل أو.
ج- كان مواطنا فلسطينيا ("أرض - إسرائيلي") وانتقل من مكان سكناه العادي في إسرائيل إلي الأمكنة التالية:
1- إلى أي مكان خارج ارض إسرائيل قبل 1/9/1948.
2- إلى مكان ما في ارض إسرائيل كان يقع تحت سيطرة قوى كانت تعمل على منع إقامة دولة إسرائيل أو قوى حاربتها بعد إقامتها.
أن النص الفضفاض للمادة رقم (1) لقانون أملاك الغائبين، قد أوجد تعريفين"للغائب":
الغائبون الحقيقيون: وهم الفلسطينيون الذين غادروا فلسطين إلى مكان يقع خارج "ارض إسرائيل" – أي هؤلاء الذين غادروا فلسطين بتاريخ 1/9/48 ولم يعودوا إليها.
الحاضرون الغائبون: وهم إما مواطنون فلسطينيون تركوا مكان سكناهم الأصلي وانتقلوا للسكن في قرية أو مدينة في فلسطين كانت بأيدي قوات "جيش الإنقاذ" والتي أصبحت لاحقا ضمن حدود إسرائيل.
أو مواطنون فلسطينيون تركوا فلسطين قبل 1/9/48 وعادوا إليها بشكل غير قانوني ثم حصلوا على الجنسية الإسرائيلية ضمن عمليات جمع الشمل.
أو سكان قرى المثلث التي ضمت إلى إسرائيل حسب اتفاقية رودس، والذين يملكون أراض وقعت داخل حدود إسرائيل قبل اتفاقية رودس وقد سار هؤلاء في عداد الغائبين بما يتعلق بأملاكهم.
وبحسب الإحصائيات الرسمية فان عدد الحاضرين الغائبين سنة 1948 شكل حوالي 50% من السكان الفلسطينيين الذين لم يتركوا البلاد (حوالي 80،000 من اصل 160000). وقد فقد هؤلاء أملاكهم بموجب قانون أملاك الغائبين. وكانت هذه الأملاك ما يقارب 100،000 دونم من البساتين وعشرات الألوف من الأبنية والعقارات وعلى ما يقارب 95% من كروم الزيتون وكذلك حوالي 40،000 دونم كرمة.
وبحسب المادة الرابعة للقانون فان أملاك الغائبين منحت للقيم على أموال الغائبين وأصبحت هذه الأملاك ملكا له وله حق التصرف بها.
أما المادة 19 لهذا القانون فقد منحت القيم على أموال الغائبين صلاحية بيع هذه الأملاك أو منحها دون مقابل إلى "سلطة تطوير" في حالة إقامة سلطة كهذه. وكانت هذه المادة جزءا من مخطط شامل لنقل جميع هذه الأملاك إلى ملكية سلطة التطوير أو ما يعرف "بدائرة الإنشاء والتعمير" التي تم إقامتها فيما بعد بموجب قانون دائرة الإنشاء والتعمير (قانون سلطة التطوير لسنة 1950). وفعلا تم بتاريخ 30/9/53 نقل الغالبية العظمى من هذه الأملاك إلى "سلطة الإنشاء والتعمير" التي قامت فيما بعد بنقلها إلى أيد يهودية وخصوصاً عشرات الألوف من المنازل والوحدات السكنية التي اعتبرت بمثابة أملاك غائبين، وتم نقلها إلى " دائرة الإنشاء والتعمير" التي وضعتها تحت تصرف القادمين الجدد.
من جهة أخرى، فقد أبقى القانون على إمكانية محدودة لتحرير أملاك الغائبين، وبشرط أن تكون الأرض قد انتقلت إلى ملكية "دائرة الإنشاء والتعمير" وأن القيم على أموال الغائبين قد ألغى عن الغائب صفة الغائب فحسب الصلاحية الممنوحة بإعطاء ارض بديلة للغائب إذا توفرت الشروط التي ذكرت أعلاه.
وقد انتهى العمل بهذه الأنظمة في سنة 1973 حيث سن قانون أملاك الغائبين تعويضات لسنة 1973 والذي بموجبه أعطي للغائبين الحق في المطالبة بالتعويضات عن أملاكهم بموجب طلب يقدم إلى لجنة خاصة لهذا الغرض - وقد حددت الفترة بـ 15 سنة من تاريخ سن القانون أي حتى سنة 1988.
ورغم الأنظمة والقوانين التي منحت الغائب الحق في تحرير أرضه، إلا أن الحالات التي تم فيها فعلاً تحرير هذه الأملاك، كانت قليلة جداً، وذلك نظراً للسياسة المعادية التي انتهجها القيم على أملاك الغائبين واللجنة التي أوكل لها البث في طلبات تحرير الأملاك – حيث استغلت هذه اللجنة صلاحيتها فقامت بمساومة الكثير من الغائبين الذين توجهوا إليها بطلب تحرير أملاكهم بان يتنازلوا عن حقوقهم مقابل تحرير دار سكن أو قطعة ارض للبناء يتم تأجيرها لهم لمدة طويلة. وقد فشلت محاولات الابتزاز هذه في معظم الأحيان. مما أدى إلى رفض معظم طلبات التحرير المقدمة للجنة.
ب) قانون استملاك الأراضي (تصديق إجراءات وتعويضات) سنة 1953.
بموجب المادة (2) لقانون استملاك الأراضي فان كل عقار (ويقصد بذلك الأراضي)، صدر أمر من قبل الوزير المخول من قبل الحكومة، بأنه توفرت فيه المواصفات التالية:
1- لم يكن بتاريخ 1/4/52 في حيازة مالكة.
2- تم تخصيصه أو استعمل في الفترة ما بين 24/5/52 - 1/4/53 لأغراض التطوير الحيوية الاستيطان أو الأمن.
3- وانه ما زال مطلوباً لأحد الأغراض المذكورة.
فإن كل عقار كهذا ينقل إلى ملكية "دائرة الإنشاء والتعمير" ويصبح ملكا خاصا لها ويحق لها حيازته والتصرف به فورا.
أما المادة الرابعة للقانون فقد منحت مالك العقار الذي تم استملاكه بحسب هذا القانون الحق في التعويض المادي. أو ارض بديلة، في حالة ثبوت الأرض المستملكة في ارض زراعية وان مالكها كان يعتاش من الزراعة.
ولكن في الواقع تم استملاك مئات الألوف من الدونمات بحسب هذا القانون، إلا أن التعويض المادي الذي عرض على المالكين كان منخفضا ولم يشكل تعويضا حقيقيا عن قيمة الأرض المستملكة. ناهيك عن أن العديد من المالكين اثروا رفض التعويض من منطلق عدم الثقة بشرعية عملية الاستملاك التي تمت بشكل قسري.
ج) قانون استملاك الأراضي في النقب (اتفاقية السلام مع مصر لسنة 1980):
بموجب القانون الذي سن 1980 في أعقاب اتفاقية السلام مع مصر قامت الدولة بمصادرة آلاف الدونمات من أراضي النقب التي كانت بحيازة سكانه من البدو الفلسطينيين وذلك لأغراض أمنيه نجمت عن اتفاقية السلام مع مصر.
فبموجب المادة رقم 1(أ) للقانون المذكور استولت الدولة على الأراضي المبنية في الملحق الأول للقانون والتي كانت مطلوبة للاحتياجات النابعة من اتفاقية السلام مع مصر – وقد تم نزع ملكيتها بوسائل عديدة وصلت أحيانا إلى استعمال القوة وتبرير ذلك بالحاجة لإقامة مطارات عسكرية عوضا عن تلك التي تم إرجاعها إلى مصر بحسب اتفاقية السلام المعقودة معها.
د) قانون أملاك الدولة لسنة 1951:
بموجب هذا القانون وضعت الدولة يدها على جميع الأراضي التي لم تكن مملوكة من قبل أحد (لم يكن لها أصحاب) أو التي كانت مسجلة باسم المندوب السامي البريطاني.
هـ) قانون أساسي "أراضي إسرائيل" لسنة 1960:
بموجب هذا القانون وبحسب نصوص المادة الأولى منه، فان الملكية على "أراضي إسرائيل" المسجلة باسم دولة إسرائيل أو باسم "دائرة الانشاء والتعمير" أو "دائرة أراضي إسرائيل" لا تنتقل بالبيع أو بأية طريقة أخرى.
لقد جاء هذا القانون ليضمن عدم نقل أملاك الدولة لأي طرف كان عن طريق البيع أو أي وسيلة أخرى، ومن جهة أخرى، ولكي يتم تحويل هذه الأراضي والعقارات إلى أيد يهودية دون الوقوع تحت طائلة القانون أخذت "دولة إسرائيل" بواسطة "دائرة أراضي إسرائيل" بتأجير هذه الأراضي والعقارات، وفي الواقع فقد تم تأجير هذه الأراضي والعقارات آلي اليهود من سكان الدولة، بينما حرم السكان العرب من هذا الحق، إلا في حالات نادرة كان فيها التأجير طويل الأمد، وجزءا من صفقة قرية الزم فيها صاحب الملك العربي على التنازل عن أراض زراعية أو عن أراض موجودة خارج مسطحات القرية أو المدينة أو أراض "متنازع" عليها مع الدولة ضمن إجراءات التسوية. مقابل إعطائه الحق في استئجار قطعة من أرض للبناء أو دار للسكن بطريقة الإيجار طويل الأمد.
و) قانون الاستيطان الزراعي (تقييدات على استعمال الأراضي الزراعية والمياه) لسنة 1967:
يعتبر هذا القانون من اكثر القوانين العنصرية في البلاد. حيث قام المشرع الإسرائيلي بسن هذا القانون بعد أن برزت في أوائل الستينات ظاهرة تأجير الأراضي للمزارعين العرب من قبل الكيبوتسات أو المستوطنات اليهودية، وقد اعتبرت هذه الظاهرة من قبل السلطة ظاهرة مقلقة للغاية حيث رأى أعضاء الكنيست الذين ناقشوا مسودة القانون بأنه يجب منع الكيبوتسات من تأجير هذه الأراضي إلى العرب بعد أن تم إنقاذها (وشراؤها بأموال يهودية) ولذا كان لا بد من حمايتها عن طريق منع التصرف بها وتأجيرها حتى آلي فترات محدودة.
الخلاصة:
مما تقدم يبدو واضحا، بـأن الحركة الصهيونية استمرت في تنفيذ مخططاتها الرامي إلى الاستيلاء على جميع ارض فلسطين، وذلك بواسطة قوانين سنت خصيصا لنهب ما تبقى من هذه الأرض، ونزع ملكية اصحابها عبر مختلف الذرائع، كالتطوير والاستيطان والأمن، والمصلحة العامة، والتي لا تعني في مجموعها – إلا المصلحة اليهودية. وفعلا تم تسجيل حوالي 92% من ارض فلسطين أو باسم مؤسساتها. ولم يبق سوى 8% مسجلة باسم أفراد من العرب واليهود. لقد تم تسخير القوانين في إسرائيل على مدى سنوات الاحتلال لتحقيق الهدف الصهيوني القديم المتمثل في إفراغ البلاد من سكانها الفلسطينيين واقتلاعهم من وطنهم والذي لا يمكن أن يتحقق إلا بنهب أرضهم وانتزاع ملكيتهم عنها. لهذه القضية أهمية خاصة، بعد ازدياد الهجرة اليهودية وتدفقها من الاتحاد السوفيتي إلى البلاد، فآخذت السلطات الإسرائيلية في ابتداع طرائق جديدة للمصادرة تطال مساحاتات واسعة من الجليل والمثلث والنقب. ومن الطبيعي أن يحفز ذلك المشرع العبري مرة أخرى، آلي إقرار قوانين جديدة تيسر عملية المصادرة وتضفي "الشرعية" القانونية على عملية النهب ولا زالت اسرائيل مستمرة في نهجها الاستيطاني التوسعي ولن تتراجع الا اذا توفرت قوة ترعب وتزلزل هذا الكيان الغاصب تقتلعه من جذوره ليعودوا من حيث اتوا او ليذهبوا للجحيم.
لقد قامت الحركة الصهيونية ومنذ البداية بوضع المخططات للاستيلاء على الأراضي العربية في فلسطين، ولتنفيذ هذه المخططات قامت بإنشاء ما يسمى بصندوق أراضي إسرائيل (كيرن كيميت ليسرائيل) وأوكلت له شراء الأراضي العربية في فلسطين، مستعينةً بالسماسرة والعملاء الذين قاموا باستغلال الأوضاع الصعبة التي يعانى منها سكان البلاد العرب في ظل الانتداب البريطاني، واحيانا كانوا يقدموا اغراءات مالية كبيرة لاصحاب الارض اذا تشدد او تمنع عن البيع فقاموا بشراء هذه الأراضي بأموال صهيونية، ومن ثم قاموا ببيع هذه الأراضي فيما بعد لصندوق أراضي إسرائيل. كما قام هذا الصندوق وعن طريقهم بإجراء عمليات الشراء للأراضي مستغلاً الجهل و غياب القيادة الواعية التي كان من المفروض أن تتنبه إلى هذه المخاطر وتعمل على منع هذه الصفقات.
لقد وضعت الحركة الصهيونية نصب عينيها استملاك اكبر قدر ممكن من الأراضي المملوكة من قبل المواطنين العرب، سكان البلاد الأصليين، وذلك تحضيرا لإنشاء كيان قومي لليهود على أرض فلسطين، وقد حاولت الحركة الصهيونية نفي ما جاء في برتوكولات حكمائها من أن: "فلسطين" (أو ارض إسرائيل كما يسمونها) هي "ارض بلا شعب لشعب بلا ارض" وادعى قادتها بأن هذه البرتوكولات وما جاء بها هي محض افتراء وتزوير يقصد به الاستيلاء على الأراضي العربية الفلسطينية- وتخليصها من أيدي "ألاغيار" ومن ثم تسليمها إلى أيد يهودية، وذلك تطبيقا لسياسة التوسع والاستيطان "وتهويد" مناطق مختلفة في البلاد كالجليل والنقب.
هذا وقد استمرت محاولات الحركة الصهيونية الجادة للاستيلاء على الأراضي الفلسطينية بعد إقامة الدولة سنة 1948 وذلك من خلال سن القوانين والأنظمة التي تمكن سلطات الدولة المختلفة من الاستيلاء على الأراضي العربية ونقل ملكيتها إلى أيد يهودية، وذلك تحقيقا للمبدأ الصهيوني القائل بوجوب إنقاذ الأراضي "جيئولات هكركاع" كما قامت السلطات الإسرائيلية بالإبقاء على بعض القوانين والأنظمة الانتدابية المتعلقة بالأرض والتي تخدم أهدافها في الاستيلاء على ما تبقى من أراض يملكها المواطنون العرب.
لقد شكلت القوانين الاسرائيلية والقوانين والانظمة الموروثة والمتعلقة بالأرض دليلا قاطعا على زيف الادعاء الإسرائيلي بان إسرائيل هي دولة جميع مواطنيها. وبأن ما وعد به حكام إسرائيل بأن تكون هذه الدولة دولة مساواة بعيدة عن التمييز على أساس الدين أو العرق أو القومية هو مجرد هراء، فقد سخرت هذه القوانين لتأكيد وترسيخ الطابع اليهودي للدولة وذلك عن طريق الاستيلاء على ما تبقى من الأراضي ونقلها من أيد عربية لأيد يهودية.
لقد قامت السلطات الإسرائيلية بسن العديد من القوانين، بعضها تطرق إلى الأرض بشكل مباشر وبعضها كان بمثابة أداة مساعدة لتحقيق نفس الهدف، ألا وهو الاستيلاء على الأرض والسيطرة عليها. وفيما يلي استعراض لبعض هذه القوانين:
- القوانين الانتدابية الموروثة:
بعد الإعلان عن قيام الدولة الصهيونية في 15 أيار 1948، ولسد الفراغ القانوني الذي حصل بعد انتهاء الانتداب البريطاني على فلسطين. قام المشرع الإسرائيلي بسن قانون أحكام السلطة والقانون لسنة 1948 وبحسب هذا القانون فإن مجموعة القوانين التي كان يعمل بها حتى 14ايار 1948 تبقى سارية المفعول ما دامت لا تتنافى مع نصوص قانون أحكام السلطة والقانون نفسه أو القوانين الأخرى التي سنها البرلمان المؤقت، مع الأخذ بعين الاعتبار التغييرات الناتجة عن إقامة الدولة وسلطاتها.لقد كانت هذه المادة "القناة" التي بموجبها تم استيعاب العديد من القوانين الانتدابية التي رأى بها المشروع العبري قوانين لا تتنافى مع الطابع اليهودي للدولة بل تخدم هذا الهدف وتساعد على تحقيق الأهداف الصهيونية المتمثلة في بسط السلطة الإسرائيلية على ما تبقى من سكان فلسطين داخل الخط الأخضر(160000 نسمة) وتجريدهم مما تبقى في حيازتهم من اراض وفيما يلي نماذج من القوانين والأنظمة الانتدابية آلتي تم استيعابها والإبقاء عليها كقوانين ملزمة:
* قانون الأراضي - الاستملاك للمنفعة العامة لسنة 1943
* أنظمة الطوارئ لسنة 1945
* قانون الغابات لسنة 1926
* قانون أراضي الموات لسنة 1921
* قانون تسوية الحقوق في الأراضي لسنة 1928
لقد قامت السلطات الإسرائيلية باستغلال القوانين الانتدابية المتعلقة بالأرض لخدمة أهدافها فأبقت هذه القوانين سارية المفعول ومن ثم قامت بتعديلها أو إلغائها. حسب ما تتطلبه وفيما يلي بعض الجوانب المتعلقة بهذه القوانين وكيفية استغلالها من قبل السلطة.
1) قانون الأراضي - الاستملاك للمنفعة العامة لسنة 1943:
لقد كان الهدف الأساسي من وراء سن هذا القانون توفير الوسيلة التي تمكن السلطة من الاستيلاء على أراضي للأغراض العامة كشق الشوارع وبناء المدارس والمستشفيات وغيرها، إلا أن مفهوم "المصلحة العامة" لدى السلطات الإسرائيلية اقتصر على "المصلحة اليهودية" باعتبارها المصلحة العليا في الدولة اليهودية، ومثالاً على ذلك قامت السلطات الإسرائيلية سنة 1953 بمصادرة حوالي 1200 دونم أراضي الناصرة والقرى العربية اعتماداً على القانون المذكور وذلك لغرض إقامة مكاتب ودوائر حكومية – إلا انه سرعان ما تبين أن المساحة التي استغلت لبناء هذه الدوائر لم تزد عن 80 دونما في حين استعملت بقية المساحة المصادرة لبناء مساكن شكلت فيما بعد نواة مدينة الناصرة العليا (نتسيرت عليت).
2) أنظمة الطوارئ لسنة 1945:
كما هو معلوم فإن أنظمة الطوارئ "سيئة الصيت" والتي استعملت في عهد الانتداب البريطاني على فلسطين كوسيلة لأحكام السيطرة على البلاد وإخماد جذور الثورة العربية ضد الوجود البريطاني. لم تلغ، وذلك رغم مطالبة أوساط سياسة عديدة بإلغائها، ورغم أن بعض زعماء الحركة الصهيونية وصفوا هذه الأنظمة بأنها نازية، إلا أن السلطات الإسرائيلية رأت من المناسب الإبقاء على هذه الأنظمة واستغلالها ضد الفلسطينيين الذين اثروا البقاء في وطنهم منذ نكبة 1948. فبموجب هذه الأنظمة قامت السلطات الإسرائيلية بفرض الحكم العسكري على المناطق المختلفة في البلاد بهدف تقييد حركة السكان الفلسطينيين وكذلك تم بواسطة هذه الأنظمة إلغاء العديد من التنظيمات السياسية ونفي قياداتها أو وضعها تحت الاعتقال المنزلي. كذلك أقامت السلطات الإسرائيلية وبالاعتماد على هذه الأنظمة. بتنفيذ عمليات هدم البيوت وتنفيذ الاعتقالات الإدارية وغيرها.
أما فيما يتعلق بالأراضي فقد خولت المادة 125 لأنظمة الطوارئ السلطة، إغلاق مناطق معينة لأهداف تتعلق بأنظمة الطوارئ.
المادة 125 المذكورة تخول القائد العسكري صلاحية إصدار أمر بإعلان منطقة أو مكان ما منطقة مغلقة. واستنادا إلى هذه المادة قام القادة العسكريون الإسرائيليون وخلال السنوات الأولى لإقامة الدولة بالإعلان عن مناطق عديدة كمناطق مغلقة لأغراض أمنية، وبذلك منع أصحابها من دخولها واعتبر دخولهم إليها خرقاً لقوانين الطوارئ.
لقد كان إغلاق المناطق المختلفة تمهيداً للاستيلاء على أراض في هذه المناطق وذلك بحجة أن هذه الأراضي غير مستغلة من قبل أصحابها أو بأنها ليست تحت التصرف الفعلي لأصحابها، حيث تم فيما بعد سن قانون استملاك الأراضي (المصادقة على الإجراءات والتعويض) لسنة 1952 والذي بموجبة تم استملاك (مصادرة) مساحات شاسعة من الأراضي بحجة أنها غير مستغلة من قبل أصحابها، وأنها بالفعل ليست تحت تصرفهم- وحيث أن المادة 2 من القانون تشترط أن تكون الأرض المنوي مصادرتها غير مستغلة وليست بحيازة أصحابها فعلياً.
3) قانون الغابات لسنة 1926:
خول هذا القانون السلطة الإعلان عن مناطق معينة كمحميات طبيعية أو غابات محمية، وقد اشتملت هذه المحميات على عدة مناطق وما زالت تحت تصرف السكان العرب الفلسطينيين، وما حصل في قرية بيت جن هو اكبر دليل على أن السلطة لم تتورع عن اتباع أي وسيلة بهدف تضييق رقعة الأرض التي يمتلكها السكان الفلسطينيون. ووضع هذه الأراضي تحت سيطرتها بهدف تسليمها في الوقت المناسب لأيد يهودية.
4) قانون أراضي الموات لسنة 1921
تغطي أراضي الموات مساحات شاسعة مسجلة باسم الدولة وهي تشكل قسما كبيرا من الأراضي العامة ويقصد بهذه الأراضي تلك الأراضي المهملة – والميتة لطبيعتها – هذه الأراضي تشمل معظم جبال منطقة الجليل، وكذلك مساحات شاسعة في منطقة النقب – وهي أراضي بطبيعتها غير مفتلحة أو لا يمكن افتلاحها دون إصلاحها.
وبحسب قانون أراضي الأموات 1921 والتي عرفها بأنها أراضي ليست في حيازة فرد بناء على كوشان طابو. وكذلك ليست في حيازة مجموعة من السكان –كسكان القرية أو المدينة.
لقد تم تحديد أراضي الموات بناء على مقياسين مختلفين، الأول هو اعتبار الأراضي المتاخمة لمنطقة سكنية والتي لا يصلها صوت المؤذن أو المنادي كأرض موات، إلا إذا قام شخص ما بإبراز كوشان طابو يعتبر بمثابة تصريح من السلطة العثمانية له بأحياء هذه الأرض وفلاحتها.
أما المقياس الآخر فيعتبر جميع الأراضي التي تبعد مسافة 1،5 ميل عن طرف المنطقة السكنية بمثابة ارض موات. إلا إذا ابرز شخص ما كوشان طابو يثبت إعطاءه تصريحا من السلطة بإحياء الأرض.
لقد استغلت السلطة هذا القانون وقامت بالاستيلاء على مساحات شاسعة في الجليل والنقب بحجة إنها ارض موات، مستغلة بذلك عدم احتفاظ العديد من مالكي هذه الأراضي بالكواشين التركية التي أعطيت لهم. أما حينما كان يبرز أحدهم أمام المحكمة كوشانا ما، فقد كانت المحكمة ترفض في معظم الحالات هذه البينة لعدم وضوح حدود الأراضي. أو عدم دقة وصحة التفاصيل الواردة في الكوشان. وبذلك ساهم الجهاز القضائي أيضا في مهمة الاستيلاء على الأرض وتسجيلها باسم "دولة إسرائيل" وذلك بحسب المادة 155 لقانون الأراضي لسنة 1969 أن الإبقاء على قانون أراضي الموات الذي يعتمد بالأساس مقاييس بدائية لتحديد حيازة أو عدم حيازة الأرض بالمدى الذي يصله صوت المنادي أو المؤذن.تلك المقاييس التي وضعت في زمن الأتراك يؤكد أن السلطات الإسرائيلية لم تتورع عن استعمال أي أسلوب يمكنها بواسطته من تنفيذ مخططها الرامي إلى الاستيلاء على الأرض، حتى لو كان الثمن اعتماد قوانين بدائية لا تتمشى مع متطلبات العصر.
5) قانون تسوية الأراضي لسنة 1928:
لقد كان من الضروري سن قانون لتسوية الحقوق في الأراضي. وذلك لحل الخلافات حول ملكيتها بين السكان – كأفراد أو كمجموعات سكانية – إلا أن السلطات الإسرائيلية استغلت هذا القانون وأبقت عليه ثم قامت بإقرار نص معدل ومجدد له سنة 1969 بموجبة قامت "دولة إسرائيل" بتسجيل ادعائها على ملكية مساحات شاسعة من الأراضي بصفتها وريثة الحكم البريطاني (المندوب السامي البريطاني) وطالب بتسجيل الأراضي باسمها بصفتها أراض غير مستغلة أو أرضا موات بصفتها ارضا صخرية وغير قابلة للاستغلال الزراعي.
وقد جرت محاكم كانت فيها الدولة طرفا أساسيا، وفي المقابل وقف الفلاحون الفلسطينيون، أصحاب الأرض الحقيقيين بإمكانياتهم المحدودة وفي ظروف صعبة للغاية، فكانت إجراءات تسوية الأراضي بمثابة منفذ سهل قامت السلطة باستغلاله وتسجيل مئات الآلاف من الدونمات باسم دولة إسرائيل.
لقد كان هذا استعراضا موجزا لبعض القوانين الانتدابية الموروثة وفيما يلي نتطرق إلى بعض القوانين الهامة المتعقلة بالأرض والتي سنها المشرع الإسرائيلي بعد سنة 1948القوانين الإسرائيلية المتعلقة بالأرض:
منذ الإعلان عن إقامة الدولة العبرية في فلسطين وحتى ألان ما انفك المشرع الإسرائيلي بسن القوانين ووضع الأنظمة التي تخول سلطاته المختلفة صلاحية الاستيلاء على ما تبقى من ارض بيد المواطنين الفلسطينيين. وفيما يلي نورد قائمة ببعض القوانين الهامة التي سنها المشرع الإسرائيلي خلال الأربعين سنة المنصرمة ومن ثم نتناول بالتفصيل بعضا من هذه القوانين:-
1- أنظمة الطوارئ بشان فلاحة الأرض البور واستعمال مصادر المياه غير المستغلة سنة 1948.
2- قانون وضع اليد على الأراضي في حالات الطوارئ لسنة 1950.
3- قانون أملاك الغائبين لسنة 1950.
4- قانون سلطة التطوير (نقل أملاك) لسنة 1950.
5- قانون استملاك الأراضي (تصديق الإجراءات والتعويضات) لسنة 1953.
6- قانون صندوق أراضي إسرائيل لسنة 1953.
7- قانون وضع اليد على الأراضي (تعليمات مؤقتة) لسنة 1956.
8- قانون تقادم الزمن لسنة 1958.
9- قانون أراضي إسرائيل لسنة 1960.
10- قانون أساسي أراضي إسرائيل لسنة 1960.
11- قانون الأراضي – لسنة 1961.
12- قانون تسوية الحقوق في الأراضي لسنة 1969.
13- قانون استملاك الأراضي في النقب (اتفاقية السلام مع مصر) لسنة
لقد تطرقنا إلى ستة من القوانين المدرجة في القائمة المذكورة أعلاه وخضنا في تفاصيلها لكونها شكلت الوسيلة الرئيسية للاستيلاء على مساحات هائلة من الأراضي العربية في حين شكلت بقية القوانين بالإضافة إلى قوانين وأنظمة أخرى لم نأتي على ذكرها، عاملا مساعدا في تنفيذ المخطط الصهيوني الرامي إلى الاستيلاء على جميع أراضي فلسطين (أو ارض إسرائيل كما يحلو لهم تسميتها)، وتسجيلها باسم "دولة إسرائيل" تمهيدا لوضعها في خدمة المشروع الاستيطاني الشامل.
أ) قانون أملاك الغائبين لسنة 1950
لقد شكل قانون الغائبين الأساس الذي بموجبه استولت الدولة على جميع الأراضي التي كانت ملكا لسكان البلاد الذين اضطروا إلى تركها والنزوح إلى مناطق أخرى لم تكن تحت سيطرة السلطة الإسرائيلية، أو إلى دول عربية. فوصفتهم بالغائبين فقامت بوضع أملاكهم تحت تصرف القيم على أموال الغائبين.
وقد عرف الغائب بحسب المادة رقم (1) من القانون على النحو التالي:
الغائب – هو كل شخص كان في الفترة ما بين 291147 وحتى اليوم الذي نعلن فيه عن انتهاء حالة الطوارئ التي تم الإعلان عنها بتاريخ 1451948 وكان يملك أموالا أو عقارات في داخل إسرائيل أو كان ينتفع منها أو كانت تحت تصرفه مباشرة أو بواسطة آخر وانه كان في خلال الفترة المذكورة:
أ- مواطنا أو يقطن في لبنان، مصر، سوريا، السعودية، شرق الأردن، العراق، اليمن، أو.
ب- كان متواجدا في إحدى هذه الدول أو بأي جزء من "ارض إسرائيل" خارج حدود إسرائيل أو.
ج- كان مواطنا فلسطينيا ("أرض - إسرائيلي") وانتقل من مكان سكناه العادي في إسرائيل إلي الأمكنة التالية:
1- إلى أي مكان خارج ارض إسرائيل قبل 1/9/1948.
2- إلى مكان ما في ارض إسرائيل كان يقع تحت سيطرة قوى كانت تعمل على منع إقامة دولة إسرائيل أو قوى حاربتها بعد إقامتها.
أن النص الفضفاض للمادة رقم (1) لقانون أملاك الغائبين، قد أوجد تعريفين"للغائب":
الغائبون الحقيقيون: وهم الفلسطينيون الذين غادروا فلسطين إلى مكان يقع خارج "ارض إسرائيل" – أي هؤلاء الذين غادروا فلسطين بتاريخ 1/9/48 ولم يعودوا إليها.
الحاضرون الغائبون: وهم إما مواطنون فلسطينيون تركوا مكان سكناهم الأصلي وانتقلوا للسكن في قرية أو مدينة في فلسطين كانت بأيدي قوات "جيش الإنقاذ" والتي أصبحت لاحقا ضمن حدود إسرائيل.
أو مواطنون فلسطينيون تركوا فلسطين قبل 1/9/48 وعادوا إليها بشكل غير قانوني ثم حصلوا على الجنسية الإسرائيلية ضمن عمليات جمع الشمل.
أو سكان قرى المثلث التي ضمت إلى إسرائيل حسب اتفاقية رودس، والذين يملكون أراض وقعت داخل حدود إسرائيل قبل اتفاقية رودس وقد سار هؤلاء في عداد الغائبين بما يتعلق بأملاكهم.
وبحسب الإحصائيات الرسمية فان عدد الحاضرين الغائبين سنة 1948 شكل حوالي 50% من السكان الفلسطينيين الذين لم يتركوا البلاد (حوالي 80،000 من اصل 160000). وقد فقد هؤلاء أملاكهم بموجب قانون أملاك الغائبين. وكانت هذه الأملاك ما يقارب 100،000 دونم من البساتين وعشرات الألوف من الأبنية والعقارات وعلى ما يقارب 95% من كروم الزيتون وكذلك حوالي 40،000 دونم كرمة.
وبحسب المادة الرابعة للقانون فان أملاك الغائبين منحت للقيم على أموال الغائبين وأصبحت هذه الأملاك ملكا له وله حق التصرف بها.
أما المادة 19 لهذا القانون فقد منحت القيم على أموال الغائبين صلاحية بيع هذه الأملاك أو منحها دون مقابل إلى "سلطة تطوير" في حالة إقامة سلطة كهذه. وكانت هذه المادة جزءا من مخطط شامل لنقل جميع هذه الأملاك إلى ملكية سلطة التطوير أو ما يعرف "بدائرة الإنشاء والتعمير" التي تم إقامتها فيما بعد بموجب قانون دائرة الإنشاء والتعمير (قانون سلطة التطوير لسنة 1950). وفعلا تم بتاريخ 30/9/53 نقل الغالبية العظمى من هذه الأملاك إلى "سلطة الإنشاء والتعمير" التي قامت فيما بعد بنقلها إلى أيد يهودية وخصوصاً عشرات الألوف من المنازل والوحدات السكنية التي اعتبرت بمثابة أملاك غائبين، وتم نقلها إلى " دائرة الإنشاء والتعمير" التي وضعتها تحت تصرف القادمين الجدد.
من جهة أخرى، فقد أبقى القانون على إمكانية محدودة لتحرير أملاك الغائبين، وبشرط أن تكون الأرض قد انتقلت إلى ملكية "دائرة الإنشاء والتعمير" وأن القيم على أموال الغائبين قد ألغى عن الغائب صفة الغائب فحسب الصلاحية الممنوحة بإعطاء ارض بديلة للغائب إذا توفرت الشروط التي ذكرت أعلاه.
وقد انتهى العمل بهذه الأنظمة في سنة 1973 حيث سن قانون أملاك الغائبين تعويضات لسنة 1973 والذي بموجبه أعطي للغائبين الحق في المطالبة بالتعويضات عن أملاكهم بموجب طلب يقدم إلى لجنة خاصة لهذا الغرض - وقد حددت الفترة بـ 15 سنة من تاريخ سن القانون أي حتى سنة 1988.
ورغم الأنظمة والقوانين التي منحت الغائب الحق في تحرير أرضه، إلا أن الحالات التي تم فيها فعلاً تحرير هذه الأملاك، كانت قليلة جداً، وذلك نظراً للسياسة المعادية التي انتهجها القيم على أملاك الغائبين واللجنة التي أوكل لها البث في طلبات تحرير الأملاك – حيث استغلت هذه اللجنة صلاحيتها فقامت بمساومة الكثير من الغائبين الذين توجهوا إليها بطلب تحرير أملاكهم بان يتنازلوا عن حقوقهم مقابل تحرير دار سكن أو قطعة ارض للبناء يتم تأجيرها لهم لمدة طويلة. وقد فشلت محاولات الابتزاز هذه في معظم الأحيان. مما أدى إلى رفض معظم طلبات التحرير المقدمة للجنة.
ب) قانون استملاك الأراضي (تصديق إجراءات وتعويضات) سنة 1953.
بموجب المادة (2) لقانون استملاك الأراضي فان كل عقار (ويقصد بذلك الأراضي)، صدر أمر من قبل الوزير المخول من قبل الحكومة، بأنه توفرت فيه المواصفات التالية:
1- لم يكن بتاريخ 1/4/52 في حيازة مالكة.
2- تم تخصيصه أو استعمل في الفترة ما بين 24/5/52 - 1/4/53 لأغراض التطوير الحيوية الاستيطان أو الأمن.
3- وانه ما زال مطلوباً لأحد الأغراض المذكورة.
فإن كل عقار كهذا ينقل إلى ملكية "دائرة الإنشاء والتعمير" ويصبح ملكا خاصا لها ويحق لها حيازته والتصرف به فورا.
أما المادة الرابعة للقانون فقد منحت مالك العقار الذي تم استملاكه بحسب هذا القانون الحق في التعويض المادي. أو ارض بديلة، في حالة ثبوت الأرض المستملكة في ارض زراعية وان مالكها كان يعتاش من الزراعة.
ولكن في الواقع تم استملاك مئات الألوف من الدونمات بحسب هذا القانون، إلا أن التعويض المادي الذي عرض على المالكين كان منخفضا ولم يشكل تعويضا حقيقيا عن قيمة الأرض المستملكة. ناهيك عن أن العديد من المالكين اثروا رفض التعويض من منطلق عدم الثقة بشرعية عملية الاستملاك التي تمت بشكل قسري.
ج) قانون استملاك الأراضي في النقب (اتفاقية السلام مع مصر لسنة 1980):
بموجب القانون الذي سن 1980 في أعقاب اتفاقية السلام مع مصر قامت الدولة بمصادرة آلاف الدونمات من أراضي النقب التي كانت بحيازة سكانه من البدو الفلسطينيين وذلك لأغراض أمنيه نجمت عن اتفاقية السلام مع مصر.
فبموجب المادة رقم 1(أ) للقانون المذكور استولت الدولة على الأراضي المبنية في الملحق الأول للقانون والتي كانت مطلوبة للاحتياجات النابعة من اتفاقية السلام مع مصر – وقد تم نزع ملكيتها بوسائل عديدة وصلت أحيانا إلى استعمال القوة وتبرير ذلك بالحاجة لإقامة مطارات عسكرية عوضا عن تلك التي تم إرجاعها إلى مصر بحسب اتفاقية السلام المعقودة معها.
د) قانون أملاك الدولة لسنة 1951:
بموجب هذا القانون وضعت الدولة يدها على جميع الأراضي التي لم تكن مملوكة من قبل أحد (لم يكن لها أصحاب) أو التي كانت مسجلة باسم المندوب السامي البريطاني.
هـ) قانون أساسي "أراضي إسرائيل" لسنة 1960:
بموجب هذا القانون وبحسب نصوص المادة الأولى منه، فان الملكية على "أراضي إسرائيل" المسجلة باسم دولة إسرائيل أو باسم "دائرة الانشاء والتعمير" أو "دائرة أراضي إسرائيل" لا تنتقل بالبيع أو بأية طريقة أخرى.
لقد جاء هذا القانون ليضمن عدم نقل أملاك الدولة لأي طرف كان عن طريق البيع أو أي وسيلة أخرى، ومن جهة أخرى، ولكي يتم تحويل هذه الأراضي والعقارات إلى أيد يهودية دون الوقوع تحت طائلة القانون أخذت "دولة إسرائيل" بواسطة "دائرة أراضي إسرائيل" بتأجير هذه الأراضي والعقارات، وفي الواقع فقد تم تأجير هذه الأراضي والعقارات آلي اليهود من سكان الدولة، بينما حرم السكان العرب من هذا الحق، إلا في حالات نادرة كان فيها التأجير طويل الأمد، وجزءا من صفقة قرية الزم فيها صاحب الملك العربي على التنازل عن أراض زراعية أو عن أراض موجودة خارج مسطحات القرية أو المدينة أو أراض "متنازع" عليها مع الدولة ضمن إجراءات التسوية. مقابل إعطائه الحق في استئجار قطعة من أرض للبناء أو دار للسكن بطريقة الإيجار طويل الأمد.
و) قانون الاستيطان الزراعي (تقييدات على استعمال الأراضي الزراعية والمياه) لسنة 1967:
يعتبر هذا القانون من اكثر القوانين العنصرية في البلاد. حيث قام المشرع الإسرائيلي بسن هذا القانون بعد أن برزت في أوائل الستينات ظاهرة تأجير الأراضي للمزارعين العرب من قبل الكيبوتسات أو المستوطنات اليهودية، وقد اعتبرت هذه الظاهرة من قبل السلطة ظاهرة مقلقة للغاية حيث رأى أعضاء الكنيست الذين ناقشوا مسودة القانون بأنه يجب منع الكيبوتسات من تأجير هذه الأراضي إلى العرب بعد أن تم إنقاذها (وشراؤها بأموال يهودية) ولذا كان لا بد من حمايتها عن طريق منع التصرف بها وتأجيرها حتى آلي فترات محدودة.
الخلاصة:
مما تقدم يبدو واضحا، بـأن الحركة الصهيونية استمرت في تنفيذ مخططاتها الرامي إلى الاستيلاء على جميع ارض فلسطين، وذلك بواسطة قوانين سنت خصيصا لنهب ما تبقى من هذه الأرض، ونزع ملكية اصحابها عبر مختلف الذرائع، كالتطوير والاستيطان والأمن، والمصلحة العامة، والتي لا تعني في مجموعها – إلا المصلحة اليهودية. وفعلا تم تسجيل حوالي 92% من ارض فلسطين أو باسم مؤسساتها. ولم يبق سوى 8% مسجلة باسم أفراد من العرب واليهود. لقد تم تسخير القوانين في إسرائيل على مدى سنوات الاحتلال لتحقيق الهدف الصهيوني القديم المتمثل في إفراغ البلاد من سكانها الفلسطينيين واقتلاعهم من وطنهم والذي لا يمكن أن يتحقق إلا بنهب أرضهم وانتزاع ملكيتهم عنها. لهذه القضية أهمية خاصة، بعد ازدياد الهجرة اليهودية وتدفقها من الاتحاد السوفيتي إلى البلاد، فآخذت السلطات الإسرائيلية في ابتداع طرائق جديدة للمصادرة تطال مساحاتات واسعة من الجليل والمثلث والنقب. ومن الطبيعي أن يحفز ذلك المشرع العبري مرة أخرى، آلي إقرار قوانين جديدة تيسر عملية المصادرة وتضفي "الشرعية" القانونية على عملية النهب ولا زالت اسرائيل مستمرة في نهجها الاستيطاني التوسعي ولن تتراجع الا اذا توفرت قوة ترعب وتزلزل هذا الكيان الغاصب تقتلعه من جذوره ليعودوا من حيث اتوا او ليذهبوا للجحيم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق